الدولة العثمانية

أجمل ثماني عادات رمضانية عثمانية

تعلم اللغة العربية بالتفاعل

لرمضان مكانة خاصة عند المسلمين وقد تشابهت بعض عاداتهم فيه على اختلاف عصورهم وأماكنهم واختلفت أخرى، وفي العهد العثماني تشابه الكثير من هذه العادات، وخاصة في المدن الكبرى من أراضي الدولة ولا سيما في موضوع التسابق إلى الخيرات والطاعات، وكانت من أجمل العادات في رمضان:

1- تعيين هلال رمضان:
لم تكن إمكانية تعيين هلال رمضان في العهد العثماني ممكنة قبل أشهر من حلوله كما في يومنا هذا، وكانت هذه الوظيفة عائدة للقضاة حيث كان الناس ينتظرون ولادة الهلال الجديد لتعيين وتحديد بداية شهر رمضان. كان بعض الناس أو موظفي الدولة يصعدون إلى أماكن عالية ومرتفعة من أجل القيام بهذه المهمة، وعند رؤية الهلال وتعيينه يذهبون مع اثنين من الشهود إلى القاضي ويخبرونه برؤية الهلال، وعندها يعلن القاضي بداية الشهر المبارك ويأمر بإعلان ذلك في كل مكان لتعم البهجة والسرور.

اقرأ أيضًا: عبد الحميد الثاني.. إطلالة على أحد أهم سلاطين الدولة العثمانية

2- أجرة الأسنان:
كان الأغنياء العثمانيون يقومون بدعوة الضيوف إلى موائد الإفطار إلى قصورهم ومضافاتهم، وإلى جانب الضيوف كانت تتم دعوة الناس الفقراء، وكل من يقف بباب الدار. بعد أن ينتهي الضيوف من الإفطار ويتحضرون للمغادرة يقوم صاحب الدعوة والقصر بإعطائهم أكياسا مخملية تحتوي على أطباق فضية، ومسابيح من الكهرمان، وخواتم من الفضة على شكل هدايا. أما الناس الفقراء فيعطيهم أكياسا مخملية تحتوي على نقود فضية أو ذهبية على حسب كرم صاحب الدعوة. هذه الأعطية أو الهدية كانت تسمى أجرة السن أو الأسنان أي أجرة أسنان المدعوين الذين لبوا الدعوة وأصبحوا سببا في كسب صاحب الدعوة للثواب.

 

كانت تعطى للأطفال الذين يصومون أول مرة هدايا، أو يقوم الكبار بشراء صيامهم بهدف تشويقهم على الصيام

3- دفتر الذمم أو دفتر الديون:
كان الأثرياء العثمانيون في شهر رمضان يتجولون في الأحياء، ويدخلون على أصحاب البقاليات التي تنتشر في أماكن مختلفة ومتفرقة، ويطلبون منهم دفتر الديون، ويختارون صفحات لا على التعيين من أول الدفتر، ووسطه، وآخره بطريقة عشوائية، ويطلبون من صاحب البقالية مسح الديون في تلك الصفحات بعد أن يقوموا بدفعها، ولم يكن في هذه الحالة المُدان يعرف من الذي قام بدفع دينه ومن خلصه، ولا الدافع كان يعرف عمن دفع.

4- صيام الأطفال:
كانت تعطى للأطفال الذين يصومون أول مرة هدايا، أو يقوم الكبار بشراء صيامهم بهدف تشويقهم على الصيام، أما الأطفال الذين لم يكن باستطاعتهم صيام كل اليوم فيصومون فترة معينة من النهار وغالبا ما تكون من الإمساك حتى وقت الظهيرة حيث يتم تفطيرهم من قبل ذويهم ويقال لصيامهم هذا “صيام القارب” (تكنه أوروجو).

5- تسالي رمضان:
كان رمضان عند العثمانيين بشكل عام يمضي وكأنه مهرجان، يعاش ليلا ويستراح في النهار. وكانت تقام فيه برامج ترفيهية مثل “كركوز”، و”المداح” أي الحكواتي، و”أورطه أوينو” وهي المسرح المقام بين الناس على نحو ارتجالي من دون نص حيث يُظهرُ الناسُ الموهوبون مهاراتهم فيه، وكانت هذه الفعاليات تستمر حتى وقت السحور من كل ليلة طيلة شهر رمضان المبارك.

أجمل ثماني عادات رمضانية عثمانية
أجمل ثماني عادات رمضانية عثمانية

6- دروس الطمأنينة والسلام:
كانت هذه الدروس من أهم الفعاليات التي تقوم بها الدولة العثمانية في شهر رمضان، وكان يتم تقسيم الدروس المعمولة في أول ثمانية أيام أو عشرة أيام من قبل شيخ الإسلام على عدد محدد من العلماء، ويتم البدء بتفسير آية من قبل العالم الأكفأ ويسمى هذا العالم بالمكرر، أما العلماء المستمعون فيقال لهم المخاطبون، وكان السلطان أيضا ورجال الدولة يشاركون فيها من دون أي تمييز عن الآخرين ويجلسون أمام المكرر على ركبهم، وكانت تجري هذه الدروس في أجواء مليئة بالأسئلة والأجوبة بحرية علمية تامة بين المكرر والمخاطبين، أما مكانها فكان يُحدد من قبل السلطان.

 

بمجرد أن يقترب شهر رمضان كان يتم تحديد أسعار المواد والخبز وتخفيضها والعمل على عدم ارتفاعها، ويتم تسجيل هذه الأسعار في وثائق يقال لها دفتر النرخ أو دفتر الأسعار

7- خروج الجرة:
كانت هذه العادة واحدة من العادات الرمضانية في الدولة العثمانية حيث كانت عطلة المدارس في العهد العثماني تشبه العطل الصيفية في أيامنا هذه ومدتها ثلاثة أشهر، يتم فيها إرسال طلبة مدارس مختارة إلى مناطق وقرى مختلفة من أراضي الدولة بهدف دعم معلوماتهم وتعليم الناس أمور دينهم، فيقوم هؤلاء الطلاب بمهمة الإمام والمؤذن ويحصلون على النقود والأرزاق في مقابل ذلك، وكان يقال لعملية إرسال الطلاب هذه وخروجهم إلى المناطق والقرى المختلفة “خروج الجرة” ويمكن تشبيهها بالإستاج في عصرنا.

8- دفتر النرخ:
بمجرد أن يقترب شهر رمضان كان يتم تحديد أسعار المواد والخبز وتخفيضها والعمل على عدم ارتفاعها، ويتم تسجيل هذه الأسعار في وثائق يقال لها دفتر النرخ أو دفتر الأسعار كما يمكن أن نقول له دفتر حماية المستهلك، ويُؤمر أئمة الأحياء بإيصال هذه الوثائق إلى البقالين، وبهذا الشكل كان يتم المحافظة على انخفاض الأسعار في رمضان، وخاصة أسعار المواد الغذائية، وتأمين تسوق مريح للفقراء وحمايتهم.

كانت هذه العادات جزءا من عادات كثيرة تخص شهر رمضان المبارك في عهد الدولة والخلافة العثمانية، وما زال بعضها قائما وموجودا إلى يومنا هذا.

محمد جغيف – ترك ميديا

المصدر: الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى