تقارير

تركيا في مطار كابول.. ورقة وازنة في المفاوضات مع أمريكا

تعلم اللغة العربية بالتفاعل

كثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن التغيّر في موقع اللاعب التركي على الساحة الدولية، فبعد أن كان مهدداً بإخضاعه لعقوباتٍ أميريكية نظراً لاعتراض البيت الأبيض بإدارته الجديدة على صفقة صواريخ S-400 الروسية التي عزمت أنقرة على إتمامها، بات الجميع اليوم يراقبون كيف يفاوض الأتراكُ الأميريكيين، حيث تستفيد أنقرة من الورقة الأفغانية، التي بات ممكناً القول إنها ورقة واشنطن الخاسرة بعد عقدين من الفشل في “إرساء السلام” في تلك المنطقة من العالم.

وللوقوف على الدور الإيجابي للوجود التركي في أفغانستان عبر بوابة مطار كابول، كان حديث مع عدد من المختصين في العلاقات الدولية والمحللين السياسيين.

أقرأ أيضا : تركيا: لم نتفق بعد مع الجانب الأمريكي بخصوص مطار كابل

وفي هذا الإطار، رأى الصحافي والمحلل السياسي فراس رضوان أوغلو،أن “الوجود التركي في أفغانستان له فوائد استراتيجية تركية وإقليمية في الوقت نفسه، لأن الولايات المتحدة الأمريكية تعوّل كثيراً على الدور التركي بما أن الوجود الأميركي مرفوضٌ من شريحةٍ واسعة في أفغانستان”.

وأضاف رضوان أوغلو أن “الوجود التركي، خصوصاً في مجتمع إسلامي وهي دولة إسلامية وعضو في منظمة التعاون الإسلامي، يثبّت نوعاً ما الاستقرار في أفغانستان لأن الدور التركي فاعل في تلك المنطقة، في آسيا الوسطى، وبات دوراً مهماً واستراتيجياً قوياً”.

ولفت إلى “كيفية إخراج السوفيات من أفغانستان بهزيمة عسكرية لأن الكل كان رافضاً لهم في العالم الإسلامي”.

وقال “الآن تحاول تركيا أن تجعل أفغانستان مستقرة في حال أرادت الولايات المتحدة الانسحاب الكامل منها، وأن تمنع حصول ما حصل بعد انسحاب السوفيات وتكرار ما عُرف وقتها بحروب (السبعة أمراء)، حيث تحوّلت أفغانستان إلى إمارات متعددة تتقاتل فيما بينها”.

ولذلك اعتبر رضوان أوغلو أن “دور تركيا مهم جداً في هذا الملف”، معربا عن اعتقاده أن “تركيا “قادرة على التفاهم مع طالبان لأن هذه الأخيرة لديها علاقات وطيدة مع قطر، وقطر حليفة لتركيا”.

وتوقع أنه “من الممكن أن تستمع طالبان إلى تركيا، لكنّ المفاوضات تحتاج إلى الكثير من الجهد من الجانب التركي وأيضاً من الأطراف الإقليمية الأخرى”.

وعن أهمية مطار كابول الذي تبحث تركيا استلام زمام الأمور فيه بالتنسيق مع الولايات المتحدة، قال رضوان أوغلو إن “المطار يُعتبر من أهم القواعد الأساسية في الحياة بالنسبة لأفغانستان.. وليس فقط المطارات، ربما أيضاً السفارات وما شابه ذلك، لأن هذا الأمر توطيد للاستقرار نوعاً ما، وأيضاً استمرار للمفاوضات لأن تركيا مع قطر سيكون لها دور استكمال المفاوضات مع طالبان والفرقاء الآخرين”.

ولكن ماذا لو لم يتم تنفيذ هذه الخطة.. أي استلام تركيا مطار كابول؟

أجاب رضوان أوغلو على هذا التساؤل قائلا إن “انسحاب تركيا من مطار كابول، أي تغيير الخطة المطروحة، سيكون له تأثيران:

التأثير الأول هو أن الولايات المتحدة الأميركية ستضطرّ للبقاء في أفغانستان لمتابعة أمورها الاستراتيجية الخاصة بها، وأيضاً للحفاظ على ما تريد إنجازه أو ما أنجزته هناك.

أما التأثير الثاني فهو إذا أرادت الولايات المتحدة الانسحاب مباشرة وترك أفغانستان للحرب الداخلية والدمار دون حلول، سيكون الوضع سيّئاً على أفغانستان تماماً، وهنا أظن ستكون ارتداداته حربٌ إقليمية بالوكالة في الداخل الأفغاني”.

وختم رضوان أوغلو معتبرا أن “على تركيا وباكستان، أي بالتعاون مع الدعم الباكستاني ـ القطري، البقاء والاستمرار في منهجها هذا”، وتنفيذ خطتها في أفغانستان.

من جانبه شرح الدكتور جمال واكيم، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية، أن “الدور التركي في أفغانستان مرتبط بالدرجة الأولى بالاستراتيجية التي رسمتها تركيا لنفسها منذ أيام تورغوت أوزيل، وهي لعب دور في ثلاث مناطق مهمّة بالنسبة لها، وهي: المنطقة العربية، شرقي أوروبا، ووسط آسيا”.

وقال واكيم لـ”وكالة أنباء تركيا” إنه “بعد احتلال الولايات المتحدة لأفغانستان، كانت تركيا تحاول الإطلالة على ما تعتبره منطقة ذات أهمية بالنسبة لها، وهي منطقة وسط آسيا، وأيضاً بالنسبة لأفغانستان، لذلك أرسلت جنوداً إلى هناك، عدا عن أنها كانت تأمل أن تُعطى توكيلاً من قِبل الولايات المتحدة في ما يتعلّق بالنطاقات الجيوسياسية”.

أما الباحث بالشأن التركي والعلاقات الدولية طه عودة أوغلو، فرأى في حديثه لـ”وكالة أنباء تركيا” أن “مسألة تولّي القوات التركية أمن وتشغيل مطار كابل أصبحت أحد أهم المواضيع التي يجري النقاش حولها مع الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وخاصة بعد إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل أيام استعدادَ تركيا لأداء دور أكثر فعّالية لضبط الوضع في أفغانستان بعد انسحاب قوات حلف الناتو من هذا البلد”.

وأشار عودة إلى “وجود محاذير حول هذه الخطة، إذ إنه صحيح أن الولايات المتحدة رحّبت بالتعهّد التركي حسب وصفها خلال محادثات جرت بين الرئيسين أردوغان وبايدن لتأمين مطار كابول فور مغادرة القوات الأمريكية، لكن يبدو أن أبرز المشاكل التي تعترض تركيا في أفغانستان هو موقف حركة طالبان الرافضة للوجود الأجنبي، وبالتالي التركي، الأمر الذي يطرح تساؤلاتٍ عدة عن الأسباب الكامنة وراء الرغبة التركية بالقيام بهذه المهمة الصعبة”.

وأضاف “يبدو واضحًا أن بقاء القوات التركية في أفغانستان لن يكون دون ثمن، هذا ما ألمح إليه وزير الدفاع التركي خلوصي آكار بقوله: نعتزم البقاء في أفغانستان حسب الشروط، ما هي شروطنا؟ الدعم السياسي والمالي واللوجستي، إذا تم الوفاء بذلك، يمكننا البقاء في مطار حامد كرزاي الدولي”.

وبحسب عودة يبدو واضحا “أن أنقرة عبر البوابة الأفغانية تريد الضغط على الولايات المتحدة للاحتفاظ بنظام الدفاع الجوي الروسي S-400 وتشغيله، لكن في المحصلة حتى لو توصّلت أنقرة وواشنطن لاتفاقٍ حول تولّي قوات تركية مسؤولية حماية مطار كابول، يبقى موقف طالبان عقبةً أمام المُضيّ قدُمًا بمثل هذه الخطة، وستكشف الأيام المقبلة مدى قوة تركيا وقدرتها على فرض قوّتها الناعمة في المنطقة”.

أنقرة _ ترك ميديا

المصدر : الاناضول 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى