الاقتصاد التركيمنوعات

المؤن الشتوية تحوّل القرى التركية إلى وجهة رئيسية لسكّان المدن

بمجرّد قرب رحيل الصيف من كل عام، يبدأ سكان القرى في تركيا، بالتحضير لمؤن الشتاء، الأمر الذي يجعل قراهم وجهة هامة لسكان المدن

تعلم اللغة العربية بالتفاعل

المؤن الشتوية تحوّل القرى التركية إلى وجهة رئيسية لسكّان المدن

ترك ميديا

بمجرّد قرب رحيل الصيف من كل عام، يبدأ سكان القرى في تركيا، بالتحضير لمؤن الشتاء، الأمر الذي يجعل قراهم وجهة هامة لسكان المدن، ممن يأتونها لشراء المؤن الغذائية الطبيعية والطازجة.

وفي كل قرية تزينها الأراضي الزراعية، تجتمع العائلات التركية، كل حسب موطنها الأصلي ومسقط رأس أجدادها، بدءا من الأول من سبتمبر/أيلول وحتى الأول من أكتوبر/تشرين الأول وأحيانا إلى نصفه.

وظهرت الحاجة إلى تلك العادة في القدم، لضرورة تخزين مؤن غذائية واحتياجات العائلات في الفترة التي تسبق حلول فصل الشتاء، حيث كانت تغلق الشوارع وتتوقف المتاجر والمصانع عن العمل بسبب البرد القارس وتساقط الثلوج.

وعلى الرغم من تطور الحياة وعدم الحاجة لمثل هذه التقاليد المتوارثة، إلا أن الأتراك لا يزالون يرون أن من الضروري الحفاظ على العادات التي تربطهم بالعائلة والأرض، وفي مقدمتها موسم “جمع المونة”.

ونقل تقرير لـ “الجزيرة نت” عن الشابة التركية رهشان صاغلام، قولها إنها غادرت في أيلول الماضي، مدينة إسطنبول حيث تقيم متجهة إلى منزل أجدادها بإحدى قرى مدينة ماردين، جنوب غربي تركيا، متفرغة بشكل كلي للمشاركة في مهام موسم جمع المونة، ولقاء العائلة في التجمع السنوي الذي تشرف عليه الجدة.

وقالت رهشان: “نفتح أبواب منزل أجدادنا في ماردين مع بدء موسم جمع المونة، وبمجرد الانتهاء من حصاد الثمار وتجفيفها وتحضير المونة، نغلقه وكل منا يعود إلى حيث أتى”.

وأضافت “جئت من إسطنبول، وخالتي من أنقرة وأخرى من بورصة وغيرهم. عام كامل لم ألتق بهم، واجتمعنا معا في منزل واحد بفضل هذه العادة السنوية التي ربما لا نحتاجها بشكل مادي في حياتنا اليومية، بل هي فرصة للإبقاء على العائلة مترابطة”.

وتشرح رهشان كيفية العمل خلال تلك الفترة والمهام التي توزع على أفراد العائلة، قائلة “بداية ترفض جدتي بشكل حازم استخدامنا للهواتف المحمولة فهذه أول قاعدة، ثم يتم توزيع المهام وفقا للأعمار والقدرات البدنية”.

وتابعت “خلال تلك الفترة نحصد العنب والفستق والبندق، كما نقوم بتجفيف الخضروات مثل الفلفل والباذنجان لعمل ما يسمى بـ”دولما” (محشي) الشتاء”.

كما أوضحت أن أبناء العائلة ينقسمون إلى فرق تعمل جميعها من الـ5 صباحا وحتى الـ6 مساء على مدار أسبوعين للانتهاء من هذه المونة.

وأردفت “هناك من يتولى حصاد الفاكهة، وآخرون يعدون الصلصات المتنوعة ويضعونها في أواني الحفظ، فيما يترك تجفيف الخضروات للصغار كونها مهمة سهلة تقتصر على وضع الخضروات في خيوط طويلة، وتعليقها في الشمس لتجف”.

وأشارت رهشان إلى أن مونة الشتاء تشمل أيضا ذبح بعض المواشي وتوزيعها على أفراد العائلة، إضافة إلى تحضير الخبز المجمد والكبيس (المخللات).

وأنهت ضاحكة “على الرغم من توفر كل هذه الأشياء في المتاجر خلال فصل الشتاء مقارنة بالماضي، إلا أن الجميع يحرص على الحصول على المونة المعدة في منزل الأجداد، ويجدون في طعمها لذة تختلف عن الطعام الذي يشترونه من الأسواق”.

وعلى الرغم من تشابه تفاصيل تلك الفترة مع مثيلاتها من كل عام، إلا أن جائحة كورونا ألقت بظلالها أيضا على تلك العادة التركية، حيث حرمت بعض أبناء عائلة صاغلام من الحصول على حصتهم السنوية من المونة.

وقال كريم صاغلام، إن منع حمل الأطعمة على متن الطائرة حرمه من الحصول على العسل، والكبيس المنزلي (المخلل) الذي ينتظره من العام للعام.

وأضاف ” تمنع شركات الطيران في تركيا حاليا أن نحمل الأغذية على متن الطائرة بسبب تدابير كورونا، وتطالبنا بوضع كل الأمتعة بما فيها الطعام في بطن الطائرة، لكن الكبيس ليس من بين الأطعمة المسموح بها”.

وفي محاولة للحفاظ على حصته من مونة شتاء 2020، فكر كريم في شحن ما يلزمه من مستلزمات غذائية عبر النقل البري.

وتابع “ارتفعت الآن أسعار بعض المواد الغذائية في تركيا، وأعتقد أنني بحاجة للمونة هذا الشتاء”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى