تقارير

الوساطة التركية بين الخرطوم وأديس أبابا.. تفاؤل رغم التحديات

تعلم اللغة العربية بالتفاعل

ترقب وتفاؤل بالوساطة التركية لحل الخلافات بين الخرطوم وأديس أبابا بعد زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي احمد إلى أنقرة مؤخرا، رغم التحديات الإقليمية.

وتكتسب الوساطة التي أعلنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أهمية بالغة في ظل التعقيدات الداخلية والخارجية التي تحيط بالدولتين الجارتين إثيوبيا والسودان.

وفي 18 أغسطس/آب الجاري أعلن أردوغان، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإثيوبي في المجمع الرئاسي بأنقرة، استعداد بلاده لحل النزاع بين السودان وإثيوبيا بشأن منطقة الفشقة.

اقرأ أيضًا: أردوغان: تركيا مستعدة لحل النزاع بين السودان وإثيوبيا

وذكر أن هذه القضية بحثها أيضا مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي استضافه بأنقرة في 12 من الشهر نفسه.

وأكد أردوغان لآبي أحمد أن “تركيا على استعداد للمساهمة بكل الطرق لحل النزاع وديا بين السودان وإثيوبيا بشأن منطقة الفشقة، بما في ذلك الوساطة”.

وتشهد الحدود السودانية الإثيوبية توترات مسلحة، حيث أعلنت الخرطوم، في 31 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، سيطرة الجيش على كامل أراضي بلاده في منطقة “الفشقة”.

وفي 13 يناير/ كانون الثاني الماضي، اتهم السفير الإثيوبي لدى الخرطوم بيتال أميرو، الجيش السوداني بالاستيلاء على 9 معسكرات داخل أراضي إثيوبيا.

ويطالب السودان بوضع العلامات الحدودية مع إثيوبيا بناء على اتفاقية 1902، التي وقعت بأديس أبابا في 15 مايو/ أيار من العام نفسه، بين إثيوبيا وبريطانيا (نيابة عن السودان)، وتوضح مادتها الأولى الحدود الدولية بين البلدين.

** لغة الدبلوماسية تسود الخطاب الرسمي

وفي 16 فبراير /شباط الماضي، قال متحدث وزارة الخارجية الإثيوبية، دينا مفتي، إن بلاده ستشعر بالامتنان في حال توسطت تركيا بينها وبين السودان من أجل حل النزاع الحدودي القائم.

وبعد نحو 6 شهور من تلك الرغبة الاثيوبية استضافت أنقرة البرهان في زيارة رسمية 12 أغسطس / آب الجاري، كما استضافت آبي أحمد في 18 من الشهر نفسه.

وسادت لغة الدبلوماسية والحوار بين المسؤولين في البلدين، مما فسره محللون ومراقبون أنه تهدئة لإفساح المجال لمحاولات الحل السلمي.

وعقب عودة البرهان من أنقرة، قال في 16 أغسطس/آب الجاري إن بلاده ستسترد 7 مواقع حدودية مع إثيوبيا عبر الدبلوماسية لا القوة.

جاء ذلك في خطاب للبرهان بمدينة القضارف (شرق)، حضره عسكريون وقيادات محلية، ضمن احتفالات الجيش السوداني بعيده الـ67.

وفي 2 يونيو/ حزيران الماضي، أعلن رئيس أركان الجيش السوداني محمد عثمان الحسين، أن قوات بلاده استردت 92 بالمئة من أراضيها على الحدود الشرقية مع إثيوبيا، وتبقت نسبة 8 بالمئة”.

وتقع “الفشقة” ذات الأراضي الخصبة بين ثلاثة أنهار، هي “ستيت” شمالاً، و”عطبرة” غرباً، و”باسلام” جنوبا وشرقاً.

وتُعَد ميليشيات “الفشقة” أحد عوامل عدم الاستقرار على الشريط الحدودي، إذ ظهرت في خمسينات القرن الماضي كعصابات صغيرة بغرض النهب، وتحوّلت لاحقاً إلى مليشيات كبيرة ومنظمة وامتلكت أسلحة ثقيلة.

وصارت تشن هجوما على المزارعين السودانيين، ما أدى إلى إفراغ المنطقة، شرق نهر عطبرة، من السكان السودانيين، بحسب الخرطوم.

** تسوية تقوم على التهدئة ومعالجة ناعمة

عن الدور التركي في حل الأزمة، قال المحلل السياسي السوداني المختص بالشؤون الإثيوبية والقرن الافريقي محمد حامد جمعة: “في تقديري أن الطرح التركي للمعالجة سيقوم على تسوية أساسها التهدئة والتوصل إلى تفاهمات لاسيما أن لأنقرة ثقل لدى إثيوبيا فهي الشريك التجاري الثاني بعد الصين.”

وفي حديثه للأناضول، أضاف: “وساطة الرئيس التركي تشمل البحث عن معالجة ناعمة للأزمة في القرن الأفريقي سواء بين الأطراف الإثيوبية أو بين السودان وإثيوبيا.”

وفي 14 أغسطس/آب الجاري، قالت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، إن زيارة البرهان إلى تركيا، جاءت في إطار العلاقات التاريخية بين البلدين والرغبة في توسيع آفاق التعاون بينهما، واصفةً إياها بالناجحة.

وغير بعيد عن ذلك، قال رئيس تحرير صحيفة “اليوم التالي” السودانية الخاصة، الطاهر ساتي للأناضول: “توسط تركيا للحل بين الدولتين مؤشر إيجابي لتحسن وتطور العلاقات السودانية التركية، وتلك من نتائج زيارة البرهان والقيادات التي سبقته في زيارة أنقرة بعد الثورة السودانية.”

وأشار إلى أن نجاح الوساطة التركية يعتمد على تأثيرها في البلدين في ظل ما وصفه بتجاذبات محاور الصراع العربي في المنطقة.

وتابع: “الوساطة التركية تواجه بتحديات من ضمنها وجود مؤثرات خارجية في اتخاذ القرار بالسودان وإثيوبيا في ظل الأوضاع الداخلية للبلدين، ولكن مجرد دخول تركيا فإنه مؤشر إيجابي على الأقل لتعزيز العلاقات مع السودان.”

وفي 17 أغسطس/آب الجاري، قال وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، للأناضول إن “هناك جهات محلية وأجنبية (لم يسمها) لديها الاستعداد لتعمير أراضي الفشقة”.

وتحاذي إثيوبيا 4 ولايات سودانية، هي القضارف وسنار وكسلا والنيل الأزرق، على مسافة 744 كم، في حين يمتد شريط الحدود بين ولاية القضارف وإقليمي تيغراي وأمهرا الإثيوبيين، بنحو 265 كم.

وعام 1972، وقع السودان وإثيوبيا اتفاقاً بشأن القضايا الحدودية، وكانت الدول في منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا) صادقت عام 1963 على عدم تغيير الحدود المرسومة بواسطة الاستعمار، واعتمادها حدودا فاصلة بين الدول المستقلة، وبالتالي أصبح خط “قوين” هو المعترف به دوليا بين السودان وإثيوبيا.

الخرطوم – ترك ميديا

المصدر: الاناضول

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى