مقالات

خطوات تركية نحو مصر والسعودية

تعلم اللغة العربية بالتفاعل

خطوات تركية نحو مصر والسعودية

ترك ميديا

اسماعيل ياشا

بدأت علاقات تركيا مع كل من مصر والسعودية في الأيام الأخيرة تشهد رسائل إيجابية متبادلة، تشير إلى احتمال حدوث انفراجة في الأزمة بين أنقرة من جهة، والقاهرة والرياض من جهة أخرى، وعودة العلاقات التركية العربية إلى طبيعتها، في ظل تباين الآراء حول جدية المواقف والتصريحات الصادرة، ومدى قدرة الأطراف المعنية على تجاوز الملفات الشائكة لتلتقي في أرضية الأهداف المشتركة من أجل الحفاظ على مصالحها.

القاهرة أعلنت قبل فترة عن مناقصة للتنقيب عن الطاقة الهيدروكربونية؛ تأخذ بعين الاعتبار الحدود الجنوبية للجرف القاري التركي المشار إليها في الاتفاق التركي الليبي. ورحبت أنقرة باحترام مصر للجرف القاري التركي، كما توالت تصريحات من المسؤولين الأتراك تبدي استعداد أنقرة لإجراء مباحثات مع القاهرة بهدف التوصل إلى تفاهم لرسم الحدود البحرية بين البلدين.

 

رحبت أنقرة باحترام مصر للجرف القاري التركي، كما توالت تصريحات من المسؤولين الأتراك تبدي استعداد أنقرة لإجراء مباحثات مع القاهرة بهدف التوصل إلى تفاهم لرسم الحدود البحرية بين البلدين

وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، في تعليقه على اعتراف القاهرة عمليا بالحدود البحرية التركية في شرق المتوسط، قال إنه يمكن التفاوض مع مصر بشأن الحدود البحرية بناء على سير العلاقات بين البلدين. كما ثمّن وزير الدفاع التركي خلوصي آكار موقف القاهرة، مؤكدا أنه في مصلحة حقوق الشعب المصري، وأعرب عن اعتقاده بإمكانية إبرام اتفاقية مع مصر في الفترة المقبلة.

 

اقرأ أيضًا: أزمة “إِنْ” بين أنقرة وواشنطن

وجاءت آخر رسالة بهذا الاتجاه من المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية، إبراهيم كالن، الذي أكد في تصريحاته لشبكة بلومبرغ أن “مصر قلب العالم العربي وعقله، ولديها دور مهم في المنطقة”، مضيفا أنه “يمكن فتح صفحة جديدة في علاقات تركيا مع مصر وعدد من دول الخليج للإسهام في إرساء السلام والاستقرار الإقليميين”. وبعد هذه الرسالة، ندَّدت وزارة الخارجية التركية في بيان الهجمات التي استهدفت ميناء رأس تنورة ومنشآت آرامكو في الدمام، معربة عن أطيب تمنيات تركيا لـــ”السعودية الشقيقة” وشعبها.

العلاقات التركية المصرية تدهورت بعد الانقلاب العسكري الذي قام به الجيش المصري للإطاحة بالرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي رحمه الله، إلا أن هذه الأزمة لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، نظرا لحجم المصالح المشتركة بين البلدين وضرورة تعاونهما في عدد من الملفات للحفاظ على تلك المصالح. وهذه الحقيقة التي تدركها أنقرة والقاهرة هي التي أبقت العلاقات التجارية بين تركيا ومصر مستمرة، كما جعلتهما تتواصلان على مستوى أجهزة الاستخبارات ووزارات الخارجية.

هذه الأزمة لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، نظرا لحجم المصالح المشتركة بين البلدين وضرورة تعاونهما في عدد من الملفات للحفاظ على تلك المصالح

العلاقات التركية السعودية هي الأخرى تأزمت بعد الانقلاب العسكري المصري الذي دعمته الرياض بقوة، إلا أن الأزمة بين البلدين بلغت ذروتها بعد اغتيال الكاتب الشهير جمال خاشقجي رحمه الله في مبنى القنصلية السعودية بإسطنبول. وطالبت تركيا – وما زالت تطالب – بتحقيق العدالة في هذه القضية. ولا يمكن أن تلام على ذلك، لأن الجريمة الشنيعة التي انتهكت سيادتها تم ارتكابها داخل حدود تركيا وباستخدام أراضيها، ولكنها في ذات الوقت مستاءة من تحول القضية إلى ورقة تستخدمها الولايات المتحدة لابتزاز إحدى الدول الإسلامية.

السعودية تعرضت في الأيام الأخيرة لسلسلة من الهجمات تم تنفيذها باستخدام الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، واستهدفت بعض تلك الهجمات ميناء رأس تنورة ومنشآت تابعة لشركة آرامكو في المنطقة الشرقية للمملكة. وعلى الرغم من تبني الحوثيين لكافة الهجمات، إلا أن هناك علامات استفهام حول مصدرها. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن مستشار بالديوان الملكي السعودي قوله إن مصدر الهجوم على رأس تنورة لم يكن اليمن. وهذا يؤكد رأي القائلين أن المليشيات الشيعية التابعة لإيران هي التي قامت بضرب رأس تنورة من جنوب العراق. وإن صح ذلك فهذا يعني أن السعودية واقعة بين فكي الكماشة الإيرانية، الحوثيين في اليمن والمليشيات الشيعية في العراق، في ظل إدارة أمريكية منحازة لطهران.

تنطبق هذه القاعدة على العلاقات التركية السعودية أيضا، ومن المؤكد أن هناك أرضية واسعة للتفاهم، إلا أن ذلك بحاجة إلى إرادة سياسية قوية تغلب مصالح البلاد والشعوب على الحسابات الضيقة

التفاهم التركي المصري في شرق المتوسط وملفات أخرى يخدم مصالح البلدين، ويمكن أن تتجاوز أنقرة والقاهرة بعض الملفات الشائكة التي تعرقل ترميم العلاقات التركية المصرية. وليس شرطا الاتفاق في كل المسائل وحل كافة المشاكل، للتوصل إلى تفاهم يرضي الطرفين في عدد من القضايا.

وتنطبق هذه القاعدة على العلاقات التركية السعودية أيضا، ومن المؤكد أن هناك أرضية واسعة للتفاهم، إلا أن ذلك بحاجة إلى إرادة سياسية قوية تغلب مصالح البلاد والشعوب على الحسابات الضيقة. وستكشف لنا الأيام أي الخيارين ستختار كل من القاهرة والرياض في علاقاتهما مع أنقرة.

 

المصدر: الاناضول

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى