مقالات

“كريت” من بلاد المسلمين الضائعة التي عاشت نعيم الاسلام وجحيم اليونان

تعلم اللغة العربية بالتفاعل

“كريت” من بلاد المسلمين الضائعة التي عاشت نعيم الاسلام وجحيم اليونان

خاص – ترك ميديا

عمر بن عبسي الحسون الهاشمي
باحث تاريخي وسياسي

“كريت” من بلاد المسلمين الضائعة التي عاشت نعيم الاسلام وجحيم اليونان والتي اضاعها الترك والعرب
اقريطش المحتلة (كريت):
تقع جزيرة اقريطش في البحر الأبيض المتوسط، حيث تطل هذه الجزيرة على بحر إيجه من جهتها الجنوبية ، وتحتلها اليونان وعاصمتها هي مدينة الخندق ( كانديا ).
كان أول من غزاها جنادة بن أبي أمية الزهراني الأزدي زمن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وبقي فيها عاما وسرعان ما أعاد البيزنطينيين السيطرة عليها فلمَّا كان زمن الوليد بن عبد الملك فتح بعضها، ولكنَّها خرجت من السيطرة الإسلامية بعد سنواتٍ قلائل من غزو جنادة؛ على إثر الفشل الذي انتهى إليه حصار المسلمين الأول للقسطنطينية في سنة 60هـ، ثم غزاها حُميد بن معيوف الهمداني في خلافة هارون الرشيد العباسي، ففتح بعضها، لكن لم يلبث أن انحسرت السيطرة الإسلامية برحيل الفاتحين.

"كريت" من بلاد المسلمين الضائعة التي عاشت نعيم الاسلام وجحيم اليونان
“كريت” من بلاد المسلمين الضائعة التي عاشت نعيم الاسلام وجحيم اليونان

ثم غزاها في خلافة المأمون أبو حفص عمر بن عيسى الأندلسي المعروف بالأقريطشي أحد قادة الثورة على الأمير الحكم بن هشام الربضي (180 -206هـ)
ومع بداية الحروب الصليبية على العالم الإسلامي في العام 491 هـ، تحولت قبرص إلى قاعدة صليبية؟.
مع مجيء سلاطين الممالك تم دحر الصليبيين من بلاد الشام، فلم يجد أولئك ملجأً لهم سوى جزيرة كريت.
لكن مكوثهم فيها لم يطل إذ شن المماليك عدة حملات على الجزيرة وفي الحملة الثالثة أصر السلطان بَرْسْبَاي على تحرير الجزيرة وإخضاعها لسلطانه رغم تحالف ممالك اوروبا ضده، فأعد حملة عظيمة للاستيلاء على كريت في الثاني من رمضان سنة 829 هـ، ودخلها محررا.

"كريت" من بلاد المسلمين الضائعة التي عاشت نعيم الاسلام وجحيم اليونان
“كريت” من بلاد المسلمين الضائعة التي عاشت نعيم الاسلام وجحيم اليونان

في القرن السابع الهجري اشترت جمهورية البندقية جزيرة كريت، وحكم البنادقة الجزيرة حكمًا استبداديًّا، وحاولوا نشر المذهب الكاثوليكي بين سكان الجزيرة، وكان أهلها يعتنقون المذهب الأرثوذكسي، فهاجر الكثير من أهل الجزيرة إلى البلاد الإسلامية واعتنق الكثير منهم الإسلام.
تم تحرير جزيرة اقريطيش في عهد السلطان إبراهيم خان الأول؛ حين استنجد أهل الجزيرة بالأتراك العثمانيين لتخليصهم من حكم البنادقة، فتوجهت لها قوَّةٌ عثمانيَّة، وألقت مراسيها أمام مدينة خانيه أو كانيه أهم ثغور الجزيرة في 29 ربيع الآخر سنة 1055هـ، وتمَّ افتتاحها دون حربٍ تقريبًا لعدم وصول الدونانمة البندقية إليها في الوقت المناسب.
وساندت فرنسا البنادقة في استرداد جزيرة كريت ورفع الحصار عن كانديا من قِبَلِ العثمانيين، فسار الصدر الأعظم سنة 1667م بنفسه لتتميم فتح المدينة الحصينة التي كادت تُعيي الدولة العثمانية، واستمرَّ الحصار والقتال مدَّة أكثر من سنتين لإمداد فرنسا لها بالمال والرجال والسفن الحربية، وأخيرًا اضطرَّت الحامية إلى التسليم، فسلَّمها قائدها موروزيني في 29 ربيع الثاني سنة 1080هجريةً.

زوال الحكم الإسلامي من الجزيرة
واستمرَّ الصراع العثماني الأوربي حتى سنة (1316هـ= 1898م) عندما (دوِّلت) كريت؛ ومُنِحت بعد ذلك لليونان في سنة (1332هـ=1913م)، ونتيجةً للاضطهاد الديني هاجر حوالي 450 ألف مسلمٍ من جزيرة كريت؛ حيث قُلِّص التعليم الديني إلى ساعتين في الأسبوع، ولم يُسمح للمسلمين بناء مدارس جديدة لتعليم أبنائهم، وحرم عليهم بناء أو إصلاح المساجد، ولقد خلَّف المسلمون وراءهم العديد من المساجد والمدارس الدينية، ومن أبرز مساجد كريت مسجد السلطان إبراهيم في مدينة الخندق عاصمة الجزيرة وقد حُوِّل المسجد إلى كنيسة (سانت نيكولاس).
وعن الحكم الإسلامي العثماني قال السير توماس أرنولد في كتابه الدعوة إلى الإسلام:
إنَّ المعاملة التي أظهرها الأباطرة العثمانيون للرعايا المسلمين على الأقل بعد أن غزوا بلاد اليونان بقرنين لتدلَّ على تسامحٍ لم يكن مثله حتى ذلك الوقت معروفًا في أوربا، وإنَّ أصحاب (كالفن) في المجر وترانسلفانيا طالما آثروا الخضوع للأتراك على الوقوع في أيدي أسرة هابسبورغ المتعصبة، ونظر البروتستانت إلى تركيا بعين الرغبة، كذلك نرى القوزق الذين ينتمون إلى فرقة المؤمنين القدماء الذين اضطهدتهم كنيسة الدولة الروسية قد وجدوا من التسامح في ممالك السلطان ما أنكره عليهم إخوانهم في المسيحية.

"كريت" من بلاد المسلمين الضائعة التي عاشت نعيم الاسلام وجحيم اليونان
“كريت” من بلاد المسلمين الضائعة التي عاشت نعيم الاسلام وجحيم اليونان

بعد ضُمت كريت إلى اليونان سنة 1332ﻫ، ازداد عدد النازحين ولم يبق من المسلمين في الجزيرة سوى 34 ألفاً الذين يشكلون حالياً عصب الجالية التركية الصغيرة خلف المسلمون وراءهم في اقريطيش العديد من المساجد والمدارس الإسلامية، ومن أبرز هذه المساجد مسجد السلطان إبراهيم في مدينة كنديا (الخندق) وقد حُوِّلَ هذا المسجد إلى كنيسة تحمل اسم سانت نيكولاس.
والله غالب على أمره ولا حول ولا قوة إلا بالله

المصدر: ترك ميديا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى