تخوض تركيا نضالا فعالا من خلال سياسات الإسكان والصحة والتعليم وتوفير فرص العمل والأمن والتماسك الاجتماعي التي طورتها للتصدي لموجات الهجرة التي بدأت عام 2010 نتيجة حالة عدم الاستقرار في إفريقيا وآسيا والصراعات الداخلية في الشرق الأوسط وخاصة سوريا.
في السنوات الأخيرة، شهدت حركة الهجرة زيادة كبيرة، بسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية، ما اضطر ملايين الأشخاص إلى الهجرة لمناطق أكثر أمانا وازدهارا، غالبا في رحلات محفوفة بالمخاطر.
وبينما شكلت النزاعات المسلحة والأنشطة الإرهابية السبب الرئيسي للهجرة، ساهمت أسباب أخرى في ازديادها عالميا، أهمها تغير المناخ والكوارث الطبيعية وانتهاكات حقوق الإنسان والاضطهاد وانعدام العدالة الاجتماعية.
وفي 20 يونيو/ حزيران من كل عام يتم الاحتفال بيوم اللاجئين العالمي، حيث تعمل الدول والمنظمات من خلال أنشطة وفعاليات تنظمها في هذا اليوم، لتسليط الضوء على قضايا تتعلق بقضايا اللاجئين.
أقرأ أيضا : ألمانيا تدعو لتحديث اتفاق الهجرة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا
وبحسب معلومات من تقارير مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، ومنظمة العمل الدولية، والمديرية العامة لإدارة الهجرة التركية، والرابطة الدولية لحقوق اللاجئين، ومنظمات غير حكومية، فإن الفترة ما بعد 2010 شهدت أعلى نسبة هجرة جماعية بعد الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945).
فيما أظهرت بيانات المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، لعام 2019، وجود أكثر من 272 مليون مهاجر حول العالم.
ـ الحرب في العراق وسوريا
كانت الحربان في العراق وسوريا من أهم العوامل التي أدت إلى موجات الهجرة نحو تركيا، التي تعتبر نظرا لموقعها بين قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا، طريق عبور وبلدا هدفا أيضا بالنسبة لكثير من اللاجئين.
تركيا التي تعرضت لموجة كبيرة من الهجرة مع اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011، تستضيف اليوم قرابة 4 ملايين لاجئ وطالب لجوء، بينهم 3.6 ملايين سوري، و170 ألف أفغاني، و142 ألف عراقي، و39 ألف إيراني، و5 آلاف و700 صومالي، و11 ألفا و700 شخص من دول أخرى.
وبحسب بيانات عام 2021 الصادرة عن الرابطة الدولية لحقوق اللاجئين، فإن مليونا و740 ألفا و677 من أصل 3 ملايين و672 ألفا من السوريين المسجلين تحت الحماية المؤقتة في تركيا، تقل أعمارهم عن 18 عاما، وإن إجمالي النساء ومن هم دون 18 سنة مليونان و601 ألف و387 نسمة.
ورغم تولي إدارة الهجرة التركية مسؤولية تحديد المدينة التي سيعيش فيها المقيمون السوريون الحاملون لإقامة الحماية المؤقتة، إلا أن نسبة كبيرة منهم لا تزال تعيش في المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير.
تركيا التي أحرزت تقدما كبيرا في مجالات حقوق الإنسان والتعليم والاقتصاد والزراعة والسياحة في السنوات الأخيرة، تحولت في الواقع لدولة جذابة للمهاجرين الراغبين في الاستقرار والدراسة والعمل.
ووفق بيانات منظمة الأمم المتحدة للاجئين لعام 2018، احتلت تركيا المرتبة الأولى من حيث استضافة أكبر عدد من اللاجئين في العالم، تليها باكستان بـ 1.4 مليون مهاجر، وأوغندا بـ 1.3 مليون.
ألمانيا التي تستضيف مليونا و21 ألف لاجئ، تحتل المرتبة الرابعة في القائمة، وتعد أيضا العضو الوحيد في الاتحاد الأوروبي المصنفة ضمن أفضل 10 دول في هذا الصدد.
وتشمل القائمة أيضا (اعتبارا من المرتبة الخامسة على التوالي) إيران بـ 979 ألف لاجئ، ولبنان 974 ألفا، وبنغلاديش 943 ألفا، وإثيوبيا 920 ألفا، والسودان 908 آلاف، والأردن 705 آلاف.
ووفق معلومات قدمتها المديرية العامة لإدارة الهجرة، خلال اجتماع عقدته لجنة “الهجرة والاندماج” في 17 مارس/ آذار 2021، فإن عدد الأشخاص الذين تم تعريفهم على أنهم لاجئون بموجب القانون التركي هو 28 فقط، كما تستضيف البلاد ألفي لاجئ مشروط، فيما يمتلك بقية المهاجرين وضع الحماية الدولية.
ـ جدار أمني على الحدود السورية
تقع تركيا ضمن أكثر النقاط الجيوستراتيجية المهمة في العالم، بسبب تشاركها في الحدود مع دول مثل إيران والعراق وسوريا، لذلك سعت إلى توفير أمن حدودها باستخدام القوة العسكرية المباشرة ضد تنظيم “داعش” الإرهابي عام 2016.
وأقامت تركيا جدارا بطول 700 كيلومتر على حدودها مع سوريا، بالتزامن مع إبقاء اثنتين فقط من أصل 13 بوابة حدودية مفتوحة لتسهيل دخول شحنات المساعدات الإنسانية.
ـ الأنشطة الاقتصادية للأجانب
تؤثر الأوضاع القانونية بشكل مباشر على الخطط طويلة الأجل لجميع الأجانب، ما دفع الحكومة التركية لإصدار لائحة في 15 يناير/ كانون الثاني 2016، تسمح للسوريين الخاضعين للحماية المؤقتة بالتقدم للحصول على تصاريح عمل.
بموجب اللائحة المشار إليها، سُمح للسوريين بالتقدم للحصول على تصاريح عمل من خلال أرباب عملهم في الولايات التي جرى تسجيلهم فيها أول مرة.
واتخذت وزارة العمل والضمان الاجتماعي خطوات نحو إصدار تصاريح العمل لمن هم خارج الولايات المسجلين فيها أول مرة، بما يتوافق مع احتياجات سوق العمل المحلي، وسُمح للشركات التركية بتوظيف سوريين بنسبة تصل إلى 10 بالمئة من إجمالي القوى العاملة.
ورغم أن عمليات التكامل الاقتصادي للسوريين لا تزال مقيّدة بسبب الاختلافات الثقافية ومشاكل اللغة، فقد بدأ التغلب على هذه العقبة من خلال فتح المزيد من دورات اللغة التركية المدعومة حكوميًا لصالح اللاجئين السوريين.
ووفق بيانات منظمة العمل الدولية، يعمل 31 بالمئة من اللاجئين في تركيا في قطاعات النسيج، و17 بالمئة في التجارة، و13 بالمئة في البناء، و17 بالمئة في الصناعات التحويلية وغيرها من القطاعات.
وبحسب معطيات الرابطة الدولية لحقوق اللاجئين، فإن أكثر من مليون سوري تحت الحماية المؤقتة يشاركون فعلًا في الحياة التجارية، وأن أكثر من 20 ألفا منهم يدفعون الضرائب ويساهمون في الاقتصاد التركي من خلال الشركات التي أنشؤوها.
وبينما قارب عدد المهاجرين غير النظاميين الذين دخلوا تركيا عام 2019، 450 ألفا، انخفض الرقم إلى 100 ألف عام 2021، بفضل الإجراءات والقيود المفروضة لمنع انتشار فيروس كورونا.
ـ نشاط المؤسسات الرسمية تجاه اللاجئين
وتقوم العديد من المنظمات غير الحكومية في تركيا بنشاطات مساعدة اللاجئين والمهاجرين وطالبي اللجوء، كما تنظم إدارة الاندماج والاتصالات في المديرية العامة لإدارة الهجرة، فعاليات مهمة لصالحهم.
وتعمل إدارة الهجرة من خلال نشاطاتها على إيجاد وعي إيجابي لدى المهاجرين، كما تعد برامج اندماج خاصة للسوريين.
ومن خلال اعتمادها سياسة الحماية المؤقتة للاجئين بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية، أطلقت تركيا برنامجا دائما لأنشطة الحماية والمساعدة بموجب “قانون الأجانب والحماية الدولية رقم 6458” عام 2013.
وكما تدعم الحكومة التركية برامج مساعدات متوسطة وطويلة الأجل لتعزيز الاندماج في المجتمع لدى المهاجرين تحت الحماية المؤقتة، وخاصة السوريين، تعمل في الوقت عينه على دعم عمل المنظمات غير الحكومية العاملة في هذا المجال.
وفي هذا الإطار، يتم تنفيذ أنشطة المهاجرين بالتعاون مع البلديات ومؤسسات تركية عريقة، مثل الهلال الأحمر، وإدارة الكوارث والطوارئ “آفاد”، فضلا عن منظمات غير حكومية، ومظمات إنسانية، وغيرهما.
أسطنبول _ ترك ميديا
المصدر : الاناضول