امير البحار القائد المسلم رشيق الوردامي والبلاد الضائعة تسالونيك
خاص ترك ميديا
عمر الحسون الهاشمي
ومن بلاد العرب والمسلمين الضائعة التي أضاعها العرب والأتراك تسالونيك :-
باليونانية Θεσσαλονίκη ، ثِسالونكي تقع في شمال اليونان وهي عاصمة (إقليم) مقدونيا الوسطى الإدارية وأيضًا عاصمة إحدى مقاطعات
أمير البحار غلام زرافة أو ليون الطرابلسي أحد أهم أبطال الإسلام في المعارك البحرية ، وواحد من أهم الرجال الذين كان لهم الفضل في مواجهة الروم أو الدولة البيزنطية الشرقية في القرن الثالث الهجري وذلك إبان حكم الدولة العباسية .
ولد في بلدة أنطالية في جنوب شرق الأناضول ، ولكنه وقع في الأسر بعد معركة مع المسلمين ، فاستقر في طرابلس عند أميرها زرافة الذي اتخذه لنفسه ورباه وغرس فيه معاني الإسلام ؛ ولذلك سمي بـ غلام زرافة ، في الفترة الحرجة من تاريخ الدولة العباسية بسبب انشغالها بالمشكلات الداخلية حائلًا دون أن تشارك بجيوشها الرسمية في القتال ، عرف غلام زرافة بالذكاء والنشاط والجرأة ، وأيقن رغم حداثة سنه اعتنق الإسلام مبكرا ، فنشأ صادق الإيمان ، متشدداً فيه ، غيوراً عليه ، وحاول أبواه بكل طرق أن يحولا بينه وبين الإسلام ، ولكنه ثبت على دين الحق.
تعددت أسماء ليو في المصادر والمراجع منها ( ليو الطرابلسي ) حيث نسب ليون إلى مدينة طرابلس الشام التي نشأ وأقام فيها ، وتزوج ، ورزق بأولاد وأحفاد، ودفن بها على الأرجح ، وقد اشتهر عند العرب باسم “ غلام زرافة ” لأنه كان مملوكاً لزرافة حاجب المتوكل على الله العباسي ، وقيل له “رشيق الوردامي” ، وقد أطلق عليه هذا اللقب للدلالة على رشاقته ولون بشرته الأحمر كالورد ، فالوردامي-على الأرجح كلمة مركبة من “الورد” و”دامي”، وهذا يدل على أصله اليوناني ، ومن الأسماء التي وردت في المصادر العربية ( لاوي ، الزرافي مولى المقتدر بالله العباسي، لاوي الطرابلسي، لاوي الزرافي ) وكنيّ بأبو الحرب أو أبو الحارث.
ترعرع غلام زرافة -ليو الطرابلسي- في طرابلس الشام ، ونشأ محباً لركوب البحر بحكم موقع المدينة القديمة على الساحل ، إذ كانت تغص برجال البحر وعماله ، وبالقادة الغزاة والمجاهدين ، فنشأ وسط هذه الأجواء ، فقد انضم إلى المجاهدين من البحارة المسلمين الذين كانوا يجوبون البحار لمحاربة الأساطيل البيزنطية لردعها عن شواطئ المسلمين ، وكان هؤلاء المجاهدون يركزون غاراتهم على شواطئ بحر ايجه وثغوره وجزره ، لذا نجد أنه تلقى دروسه في عرض البحرعلى أيدي بحارة متمرسين مهرة ، حتى أصبح بحاراً ماهراً خبيراً بشؤون البحر وأسفاره وحروبه ، وأنوائه وعواصفه ، وجزره وسواحله ، وترقت به الأحوال إلى أن صار أميراً للبحر ومن رؤسائه الذين يولون تدبير المراكب والحرب، ثم أصبح أميراً على طرابلس نفسها، وقد تولى قيادة أسطول طرابلس، وأسطول طرسوس ، وقاد المراكب التي كانت تتجمع تحت إمرته من جميع الموانئ والثغور الاسلامية، من طرسوس شمالاً إلى الإسكندرية جنوباً، فضلاً عن سفن بحارة أقريطش “ كريت” .
وقد أبدى غلام زرافة أو ليون الطرابلسي من المواهب والإمكانيات ما جعله بعد ذلك أميرا على طرابلس ، وقائدا للجهاد البحري المنطلق منها ، كما تدرج ليون الطرابلسي في سلم قيادة الأساطيل الإسلامية حتى صار من كبار قادة البحر، ثم انتقل إلى القاعدة البحرية في مدينة طرسوس الساحلية ؛ التي عرفت بهجماتها المتواصلة على البيزنطيين .
واستمر ليون الطرابلسي أو غلام زرافة في غزواته البحرية على ثغور الدولة البيزنطية ، حتى أصبح كابوسًا حل على تلك الثغور ، ولكنَّ أعظم غزوات ليون والتي خلَّدت اسمه في المراجع الأجنبيَّة قبل الإسلامية معركة تسالونيك أو سالونيكا ؛ حيث تُعتبر تلك المدينة من أعظم الثغور البيزنطية بعد القسطنطينية العاصمة .
وكان أهم ما ظفر به غلام زرافة في هذه المعركة هو سرُّ السلاح البيزنطي الذي أفشل كثيرًا من محاولات المسلمين لفتح القسطنطينية ، وهو زيت النار البيزنطية قبل الإسلام التي كانت فعَّالة في صدِّ الهجوم الإسلامي على المدن البيزنطية ،
يشير المؤرخ البيزنطي ثيوفانس أن مخترع النار الإغريقية هو المهندس الفينيقي كالينيكوس ، الذي تعود جذوره إلى بعلبك اللبنانية ، وذلك بحدود عام 50 للهجرة .
وقد استعملت النار الإغريقية في العديد من الحروب القديمة الشهيرة مثل الدفاع عن القسطنطينية وفكّ الحصار عنها في عام للهجرة 54 ، وفي معركة حطين ضد المسلمين 583 بقيادة صلاح الدين الأيوبي .
فكان امتلاك سرِّ هذا السلاح تفوُّقًا جديدًا في الميدان الحربي البحري اقتنصه المسلمون على يد بطلهم غلام زرافة.
اشترك ليو في العديد من المعارك الحربية ، وكان أهمها عندما اشترك مع صديقه البحار ( دميان الصوري ) في دخول مصر سنة 291هـ ، والتي انتهت بالاستيلاء على مصر من الطولونيين واستعادتها إلى السيطرة العباسية ، ثم غزا الروم في أنطاليا مسقط رأسه في شهر رمضان سنة 291 هـ ، ثم غزا مدينة ثيسالونيكا اليونانية في صيف السنة ذاتها 291هـ.
هاجم الروم حدود البلاد الإسلامية عام 291هـ على حين غفلةٍ من أهلها ، بجيشٍ كبيرٍ يُقدَّر بمائة ألف ، فتوغلوا وقتلوا وأسروا الكثير من المسلمين وأغلبهم من النساء والأطفال ، فكان رد المسلمين على ذلك سريع جداً ؛ فانطلق البحَّار الكبير غلام زرافة نائب ثغر طرسوس بجيشٍ كبيرٍ ، فنازلها إلى أن فتحها عنوةً ، وقتل نحو خمسة آلاف وأسر مثلهم ، واستنقذ من الأسر خمسة آلاف مسلم ، وغنم ستين مركباً بما فيها من أموال ومتاع ، فبلغ سهم المحارب منهم ألف دينار؛ فكان فتح مدينة أنطاليا ، فتحًا عظيمًا زلزل كيان الإمبراطورية البيزنطية .
القائد المسلم “رشيق الوردامي” الشهير ب “ليو الطرابلسي” الذي قاد هجمة شرسة علي الامبراطورية البيزنطية عام هجرية 291 و تُعتبر تاريخياً أسوأ هجمة في تاريخ الدولة البيزنطية و أكثرهم ضرراً عندما خدعهم الوردامي بهجمة نحو القسطنطينية و بعد ان قامت الدولة البيزنطية بتوجيه كل الدفاع نحو القسطنطينية و تأكد الوردامي من ذلك لم يُهدر قوته العسكرية في هجوم خطر و لم ينسحب بل فاجئهم بهجمة علي ثيسالونيكا و كانت ثاني أكبر مدينة في الدولة البيزنطية بعد القسطنطينية ليقوم بتحرير 4 آلاف أسير مُسلم و أسر 22 ألف بيزنطي و أخذ 60 سفينة و تمكن العباسيون من إطلاق سراح ما يزيد عن 4000 اسير مسلم وأسر حوالي 22000 بيزنطي ، معظمهم من الشباب . يضاف إلى ذلك الإستيلاء على 60 سفينة .
وأما الغريب في هذا الحدث التاريخي فهو عدم ذكره في المصادر التاريخية العربية ، تم ذكر هذا الحدث في المصادر التاريخية الأوروبي وأهمها في كتب المؤرخ اليوناني يوحنا كاميناتيس.