مقالات

صفقة اس 400 ضرورة عسكرية أم سياسية

تعلم اللغة العربية بالتفاعل

صفقة اس 400 ضرورة عسكرية أم سياسية

خاص – ترك ميديا

عبد الفتاح أبو طاحون – باحث متخصص في الشأن التركي والروسي

صفقة اس 400 ضرورة عسكرية أم سياسية ..

حسب منطق المصالح والضروريات يصعب فهم إقبال إدارة مثل الإدارة التركية على شراء منظومة دفاع جوي هي بالأصل قد تمكنت من تدمير مثيلاتها في عدة معارك في أقل من عام واحد.

ويصعب إدراك الضرورة العسكرية لشراء منظومة تنتمي إلى  معايير عسكرية معينة في ظل المتغيرات التي تفرضها إملائات صدارة الطائرات المسيرة ونجاحاتها وقوة ردعها أمام السلاح التقليدي ..

فقد أثبت الطيران المسير قدرته على الإختراق والتدمير بل والسيطرة الكاملة والمطلقة في معارك مثل طرابلس وعفرين وإدلب وأخيراً النجاح المطلق في معارك تحرير إقليم ناقورنوكاراباخ .

وبصورة إستثناية كانت جل المعدات والتسليح الأرمني من تصنيع روسي وسوفييتي سيما منظومة  إس 300 التي سبقت منظومة إس 400 المراد شراؤها.

وكان من سمات نجاحات المسيرات التركية في المعارك التي شاركت فيها هو تدميرها لمنظومة إس 300 في طرابلس وقاراباخ.

فالروس صانعو المنظومة الدفاعية ومعهم الأتراك صانعو المسيرات يدركون على حد السواء أن المعارك التي تجتمع فيها  أسلحة من معايير مختلفة وحقب زمنية مختلفة هي معارك غير متكافئة.

فتركيا أبعد من أن تحتاج إلى منظومة دفاعية هي كانت ومازالت قادرة على تدميرها وتحييدها.

وأبعد من أن تُقبل على شراء منظومة وهي تملك صناعاتها الدفاعية الخاصة.

من هذا كله يصعب اعتبار الصفقة ضرورة عسكرية ملحة لتركيا تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات.

ومن جهة أخرى جاءت الصفقة في أجواء إختلافات بين الجانب الأميركي والجانب التركي إثر لجوء الجانب الأمريكي إلى إستثناء تركيا من إمتلاك المقاتلة الحديثة سيما أن تركيا أحد المشاركين في تصنيعها، فيصعب كذلك إعتبار الصفقة فقط وسيلة ضغط على الجانب الأمريكي وإن كانت كذلك  في أحد أوجهها..

ويبقى  ثمة سؤال عالق  بين التصورات ـ لماذا سمحت روسيا أن يهان سلاحها في أكثر من معركة أمام السلاح التركي، وأن تتأثر سمعته في أربع معارك في أقل من عام ونصف؟!!

إذ لم تكن ردة فعل روسية مناسبة بهذا الشان، مع أنه أمر في غاية الأهمية وفي غاية الخطورة في وقت روسيا تعتمد بشكل كبير على صناعة وتصدير السلاح!!!..

لعل الجواب يكمن في أن الشراكة الروسية التركية تتبوء مقاماً عاليا لدى الطرفين، ومن ضمنها أن لا تزاحم تركيا حصة روسيا في سوق السلاح العالمي، وتكون المنافسة على حساب حصص لدول أخرى مثل الصين والدول الغربية.

محور تركيا الواعد ودورها المركزي الذي بات يؤثر في سياسات الدول المتناغمة معه  لاشك يمكن أن تكون له تأثيرات وإملاءات سيما في شأن تسليح هذا الدول واختيار وجهتها لشراء سلاحها الإستراتيجي.

فتكون تركيا وكأنها تقدم ضمانات لروسيا وتطمينات بشأن نصيبها من احتياجات هذه الدول.

رأينا بعد التفاهم على صفقة المنظومة الروسية بين الجانبين الروسي والتركي إهتمام قطري بنفس المنظومة، الأمر الذي يدلل على ريادة تركيا وتناغم دول محورها لسياساتها، والأمر لا يقتصر على قطر بل يمتد إلى عدة دول باتت تشكل هذا المحور الذي ترعاه تركيا. منها باكستان وماليزيا والصومال وليبيا وأذربيجان.

وفي ذات الوقت التأثير التركي ممكن أن يحرم دولاً أخرى من فئة مصنعي السلاح من صفقات السلاح لدول المحور، أو بتعبير أدق ـ التأثير التركي في حد ذاته هو تحكم  بشكل أو بآخر في سوق السلاح العالمي ..

بلا شك تبقى صفقة منظومة الدفاع الروسية  للجانب التركي ولدول المحور ضرورة  عسكرية لكنها  تبقى ضرورة سياسية توظف توظيفا سياسيا أكثر منها ضرورة عسكرية ..

 

المصدر: ترك ميديا

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى