حوارات

العلاقات التركية الأفغانية

في حوار خاص مع مستشار وزارة الإرشاد والحج والأوقاف الأفغانية الدكتور حياة الله عتيد

تعلم اللغة العربية بالتفاعل

العلاقات التركية الأفغانية في حوار خاص مع مستشار وزارة الإرشاد والحج والأوقاف الأفغانية الدكتور حياة الله عتيد

ترك ميديا

العلاقات التركية الأفغانية في حوار خاص مع مستشار وزارة الإرشاد والحج والأوقاف الأفغانية الدكتور حياة الله عتيد

في مدينة إسطنبول حيث تلتقي الشعوب ببعضها وتتلاقح الأفكار وتتعاضد الجهود، التقينا في “ترك بوست” بالمستشار الدكتور حياة الله عتيد المستشار الخاص لوزارة الإرشاد والحج والأوقاف الأفغانية لتسليط الضوء على العلاقات التركية الأفغانية، إضافة لتجربة وزارة الإرشاد والحج والأوقاف الأفغانية مع رئاسة الشؤون الدينية التركية.

وكان لنا الحوار أدناه:

– العلاقات التركية الأفغانية مرت بمراحل كثيرة عبر التاريخ، هل لكم أن تحدثونا باختصار عن سير هذه المراحل؟

العلاقات التركية الأفغانية
العلاقات التركية الأفغانية

– شكرا لكم على الاستضافة الكريمة، العلاقات التركية الأفغانية مميزة عبر التاريخ، وقد كانت علاقات أكثر من الأخوة بين البلدين، فمنذ الحرب العالمية الأولى 1915 م، وقفت أفغانستان إلى جانب الدولة التركية في كل معاركها، وقد كانت معركة جناق قلعة أحد الأمثلة الشاهدة على مدى متانة العلاقات بين البلدين، حيث استشهد في هذه المعركة أكثر من 100 أفغاني، كما نقل عن الغازي أمان الله خان الملك الأفغاني السابق 1928، قوله:

إن لي عينان عين في تركيا والعين الثانية في أفغانستان.

فإن الناظر لهذه العلاقات المتميزة عبر التاريخ ليوقن بمدى متانتها وقوتها، ووقوف أفغانستان بجانب تركيا منذ حربها مع الإنكليز في بدايات القرن العشرين، حتى أن النساء الأفغانيات كانت تتبرع بحليها وذهبها لنصرة الشعب التركي في معارك التحرير، وبعد حرب الاستقلال، حيث وقفت أفغانستان بجانب تركيا وكانت أول دولة تعترف بها بعد الاستقلال، وإنشاء الدولة الحديثة، حيث أرسلت الحكومة التركية 50 ضابطا تركيا لتدريب الجيش الأفغاني، وكان لهم أثر كبير في تطوير الجيش الأفغاني، والجامعة الحربية الأفغانية.

– هل توجت هذه العلاقة باتفاقات استراتيجية بين البلدين؟

العلاقات التركية الأفغانية
العلاقات التركية الأفغانية

العلاقات بين البلدين كانت مميزة تاريخيا واستمرت حتى وقتنا الحاضر، ففي عام 1928، زار أمان الله خان الملك الأفغاني السابق تركيا، حتى أنه أمر البعثات الدبلوماسية والقنصليات والسفارات الأفغانية بتقسيم مكاتبها مناصفة مع البعثات الدبلوماسية التركية، دعما لتركيا وتأييدا لها كما وعقد اتفاقا شاملا، ثقافيا وعلميا وعسكريا مع الحكومة التركية، وبناء على هذه الاتفاقية فإنه إلى تاريخ اليوم هناك طلاب أفغان يدرسون في الجامعات التركية، من خلال البعثات العلمية والطلابية، حيث ساهمت تركيا في عام 2005 في تدريس أكثر من 5000 طالب أفغاني في الجامعات التركية. إلى جانب تدريب الكوادر العسكرية والأمنية الأفغانية في تركيا.

– كيف تقرؤون تجربة تركيا ضمن حلف الناتو في أفغانستان عام 2001؟

العلاقات التركية الأفغانية
العلاقات التركية الأفغانية

إن أفغانستان حكومة وشعبا يكنون للشعب التركي الكثير من الاحترام والاهتمام، حتى أنه عندما دخل الناتو إلى أفغانستان في 2001، وكانوا حينها تحالف من 46 دولة، وكان من ضمن هذا التحالف الجيش التركي، فقد كان الجيش التركي آمنا في أفغانستان، وكانت القوات التركية تتجول في المدن والقرى الأفغانية من دون أي خوف أو احتياطات، وإذا دل هذا على شيء فإنما يدل على عمق الاحترام الذي يكنه الشعب الأفغاني بكل مكوناته حكومة ومعارضة وشعبا للأتراك.

وقد كان توزيع جيوش تحالف الناتو على كل ولاية من ولايات أفغانستان، بحيث يأخذ كل جيش ولاية معينة من أجل التطوير والإعمار، وقد كان من نصيب الجيش التركي ولاية وردك، حيث أقام الجيش التركي في هذه الولاية الكثير من المشاريع، فقد قاموا ببناء المساجد والمعاهد، وقد كانوا يوزعون المواد الغذائية للشعب، وقد كان الشعب في هذه الولاية مسرورا جدا.

وقد كان احترام الجيش التركي من قبل الأفغان بكل مكوناتهم المختلفة حتى من حركة طالبان، فلم تكن تتعرض طالبان للجيش التركي أبدا رغم وجود مقراتها قرب المؤسسات الحكومية الأفغانية، وإن حصل شيء فهو عن طريق الخطأ.

تعتبر السفارة التركية في أفغانستان من السفارات المميزة والفريدة، حيث أهديت أرضها من قبل الحكومة الأفغانية لتركيا، وتمتد على مساحة كبيرة وواسعة، وتبعد عن القصر الرئاسي الأفغاني بضعة أمتار، كما يوجد في السفارة التركية غرفة مميزة وخاصة، هي غرفة للرئيس أمان الله خان، الملك الأفغاني السابق 1928، تحوي على مكتبه وكرسي عمله، وهذا الإرث موجود لتاريخ اليوم.

– الكثير من الشخصيات التركية من أصول أفغانية أو العكس، بما يمثل مصاهرة بين البلدين، هل يمكن تسليط الضوء على هذا الإرث المشترك؟

يوجد الكثير من الإرث المشترك بين البلدين، فقد كان السلطان محمود الغزنوي البطل الأفغاني سلجوقيا من أصول تركية، كما كان جلال الدين الرومي البلخي، من مواليد بلخ الأفغانية 628 هجرية، من أصول أفغانية، وعاش في قونية التركية، وله مزار فيها.

– في عام 2014 زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أفغانستان، ما تأثير هذه الزيارة على العلاقات بين البلدين؟

العلاقات التركية الأفغانية
العلاقات التركية الأفغانية

في عام 2014، زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أفغانستان، وعقد اتفاقا شاملا مع الرئيس محمد أشرف غني، في الكثير من المجالات، شملت التجارة والاستثمار والاقتصاد والمواصلات والصحة والزراعة والمالية. والشؤون المصرفية، والتنمية البشرية والعلوم والفن والتراث وقضايا الشباب، والرياضة والأمور الاستراتيجية والأمنية والتطوير العمراني.

وقد قدمت الجمهورية التركية الكثير من المساعدات للحكومة والشعب الأفغاني، إلى عدد كبير من الولايات، مثل: كابول، ومزار شريف، ووردك، وأنشأ الكثير من البنى التحتية والفوقية المهمة، مثل: شارع دارلمان، وبناء جسر ميرويس ميدان غرب كابول، ومبنى كلية الآداب في جامعة كابول، والعديد من المدارس والمستوصفات والمراكز الطبية.

كما ساهمت تركيا في بناء، وتطوير وترميم أكثر من 86 مدرسة موزعة على الولايات المختلفة، وكان من أهم المدارس التركية في أفغانستان 6 مدارس في كابول وجلال أباد وشبرغان ومزار شريف وقندهار وهرات، فقد كانت تخرج النخب الفكرية والعلمية،  وقد سلمت هذه المدارس مؤخرا للحكومة التركية للإشراف عليها من قبل وقف المعارف التركية.

كما شاركت الشركات التركية في إعادة الإعمار في أفغانستان، والتنمية العمرانية واستخراج النفط، وغيرها من المجالات المختلفة.

– من خلال عملكم كمستشار خاص لوزارة الإرشاد والحج والأوقاف الأفغانية، كيف كانت تجربتكم مع الشؤون الدينية التركية؟

العلاقات التركية الأفغانية
العلاقات التركية الأفغانية

العلاقة بين وزارة الإرشاد والحج والأوقاف الأفغانية، وبين رئاسة الشؤون الدينية التركية، فإنها وطيدة، ووثيقة، حيث تم تعيين ملحق الشؤون الدينية في السفارة التركية في أفغانستان، وتم تبادل الزيارات الثنائية الرسمية بين الوفود من كلا الجانبين.

العلاقات التركية الأفغانية
العلاقات التركية الأفغانية

فقد زار فضيلة الشيخ عبد الحكيم منيب وزير الإرشاد والحج والأوقاف السابق، معالي رئيس الشؤون الدينية أكثر من مرة، وتم من خلال هذه الاجتماعات تناول القضايا المشتركة بين الجانبين، كما ينوي فضيلة الشيخ محمد قاسم حليمي وزير الإرشاد والحج والأوقاف الأفغاني الجديد زيارة أنقرة قريبا، واللقاء مع نظيره التركي، وإخوته في رئاسة الشؤون الدينية التركية، ونأمل من هذه الزيارات تبادل الخبرات، وتوطيد العلاقات، والاطلاع على التجربة التركية الرائدة في صناعة الأوقاف الممتدة عبر التاريخ الطويل، والتي ينبغي أن تكون مثلا يحتذى به في أفغانستان.

وقد تم في الآونة الأخيرة 2016، تدريب مجموعات من وفود العلماء والدعاة والخطباء الأفغان لتدريبهم في تركيا، والوقوف على التجربة التركية، وقد كان لها صدى واسع من قبل الوفود، وقد نقلوا تجربتهم المتميزة من خلال منصاتهم الاجتماعية والعلمية والأكاديمية إلى متابعيهم في أفغانستان.

وقد تعهدت رئاسة الشؤون الدينية التركية ببناء مركز إسلامي كبير ونطمح أن يكون هذا المركز، نقطة انطلاق جامعة لعدد كبير من الفعاليات والأنشطة من المسجد الجامع، والكلية الإسلامية، ومركزا جامعا للدعاة الأفغان من كل الولايات.

كيف ترى العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين؟

نمت العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين خلال العشر سنوات الحالية بشكل ملحوظ ولافت، وتشكل الاستثمارات الخاصة بالتجار وأصحاب الأعمال الأفغان في تركيا رقما مميزا، في كل المجالات الاقتصادية والتجارية والخدمية في تركيا، كما أن المستثمرين الأتراك منفتحون للاستثمار في أفغانستان، في كل المجالات، ونعمل على زيادتها ونموها في الأيام القادمة، بتأييد ودعم من قيادة كلا البلدين.

ونسأل الله تعالى في الختام أن تدوم هذه العلاقات، وأن تزداد توثيقا وتمتينا لما فيه الخير لكلا البلدين.

المصدر: ترك ميديا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى